أحد أهم الموضوعات على المنتديات الإلكترونية الصينية هو نزاع البلاد مع اليابان حول سينكاكوس، أو دياوياس، وهي مجموعة صغيرة من الجزر في بحر الصين الشرقي. لكن النقاش يتحول سريعا من الغضب تجاه اليابان إلى الغضب من فشل الحزب الشيوعي الحاكم في اتخاذ موقف أكثر تشدداً. ويردّ الحزب من خلال مطالبة مزودي خدمات الإنترنت بجعل تسجيل المستخدمين بأسمائهم الحقيقية.وبدأت خدمات الإنترنت التجارية في الصين قبل نحو 18 عاما، والآن يستخدم الشبكة نحو 538 مليون صيني، أي نحو 40 في المائة من السكان، وأكثر من 300 مليون منهم يستخدمونها عبر أجهزة الجوال.وهم يطلقون سيلا من الأحاديث، ليلاً ونهاراً، عبر ''سينا ويبو''، الموقع الرائد الذي يعادل ''تويتر''. ومع ذلك، فإن الحكومة تعود إلى الإجراءات نفسها التي جربتها في الأيام الأولى.

وأمس، مرر البرلمان الصيني قانوناً يجعل التسجيل بالاسم الحقيقي لمستخدمي الإنترنت إلزاميا. وهي علامة على معركة قديمة للحزب الشيوعي مع شبكة الإنترنت، ولا يزال من غير الواضح من الذي سيفوز.
وقال دنكان كلارك، رئيس BDA، وهي شركة استشارات تكنولوجية مقرها بكين: ''لقد حصلتم على هذه الموجات من النشاط التنظيمي المتصاعد''. وأضاف: ''تقودهم تلك المخاوف إلى انفلات الأمر من أيديهم، وعدم السيطرة عليه''.وقرر الحزب السماح بالإنترنت لأن من شأن ذلك أن يساعد الصين على التواصل مع العالم الخارجي، وتطوير الفرص الاقتصادية بشكل كبير. وكان أول المستفيدين من هذا القرار هو جاك ما، وهو مدرس لغة إنجليزية سابق أسس شركة إليبابا، التي تدير السوق الأكبر في العالم على الإنترنت للتجارة بين الشركات. وسرعان ما تبعته شركات صينية أخرى، في إنشاء محركات البحث مثل ''بايدو''، ولوحات المراسلة الفورية مثل QQ وبوابات الأخبار مثل ''سينا''. وعندما تضخمت أعداد المستخدمين وزاد المحتوى الذي ينشئه المستخدم، جاء رد الحزب بالرقابة.وفي عام 2000، تم اعتماد تشريع يلزم الشركات بفرض رقابة على المحتوى الذي ينشره المستخدمون على مواقعهم. وهناك قائمة طويلة تحدد الأنواع العديدة من المشاركات التي يجب أن تقوم شركات الإنترنت برصدها ومحوها ورفع تقرير بها - بدءاً من المعلومات التي تهدد الأمن القومي إلى تلك التي تنتهك الانسجام العرقي.والتزم ''سينا''، و''بايدو'' وأقرانهما بتوظيف جيوش من المراقبين. وبدأت السلطات في إضافة صوتها إلى النشاز على الإنترنت، وإشراك أشخاص من بعد لجعل التعليقات تبدو في مصلحة الحكومة. وتم التوصل إلى نقطة حرجة أخرى عندما ظهرت وسائل الإعلام الاجتماعية، مثل ''فيسبوك'' و''تويتر'' في الصين. مرة أخرى، كان واضعو السياسات مدركين أن وسائل الإعلام الاجتماعية تشكل تحدياً، لكنهم قرروا أن الفرص تستحق كل هذا العناء.ويقول أحد كبار المسؤولين في مكتب مجلس المعلومات في الدولة، أحد الهيئات الحكومية المشاركة في الرقابة: ''نريد شبكة إنترنت نابضة بالحياة - فهي تساعد الحكومة على فهم الشعب بشكل أفضل''. وكان حل الحزب هو تسليم وسائل الإعلام الاجتماعية إلى شركات تكنولوجيا المعلومات الموثوق بها. وتم إغلاق ''فانفو''، المستنسخ الصيني الأقرب لـ ''تويتر''، وأصبح ''سينا'' رائد المدونات الصغيرة في السوق.وبمجرد نمو تلك المدونات الصغيرة لتصبح وسائل قوية للانتقادات والمعلومات حول الفساد وسوء سلوك الحكومة، انتقلت بكين إلى ترويضها. وصدر هذا العام أمر إلى ''سينا'' بتسجيل كل مستخدمي المدونات الصغيرة بأسمائهم الحقيقية.ويقول ليو شين، وهو محلل بارز في مركز معلومات شبكة الصين، المسجل المدعوم من الدولة على شبكة الإنترنت: ''هناك بعض التعليقات الهدامة، وستتبع السلطات تلك التعليقات للوصول إلى الشخص الذي نشرها''.ومع ذلك، يعتقد المحللون أن مراقبة كل مستخدم للإنترنت في الصين تُعتبَر مهمة مستحيلة.ويقول ليو: ''ليس من المرجح أن يتم فرض ذلك''. وأضاف: ''من الصعب للغاية فعل ذلك''.ولا يمثل ذلك أي جديد. فقد أخفقت حملة الحزب الأولى للتسجيل بالاسم الحقيقي في عام 1995 لأن الشركات التي توفر الوصول إلى شبكة الإنترنت لم تكن في حالة مزاجية تسمح بتخويف العملاء وجعلهم يبتعدون إلى جهات أخرى.